الدلالات. لمَّا هددهم فرعون أجابوه بما يدل على حصول اليقين التام والبصيرة الكاملة في أصول الدين، فقالوا:«لَنْ نُؤْثِرَكَ» ، وهذا يدل على أن فرعون طلب منهم الرجوع عن الإيمان وإلَاّ فَعَل بهم وما وعدهم، (فأجابوه بقولهم) : «لَنْ نُؤْثِرَكَ» ، وبيَّنوا العلة، وهي أنَّ الذي جاءهم ببينِّات وأدلة، والذي يذكره فرعون محض الدنيا.
وقيل: كان استدلالهم أنهم قالوا: لو كان هذا سحراً فأين حبالُنا وعصيُّنا.
قوله:«والَّذِي فَطَرَنَا» فيه وجهان:
أحدهما: أن الواوَ عاطفة عطفت (هذا الموصول) على «مَا جَاءَنَا» أي: لن نؤثرك على الذي جاءَنا وَلَا عَلَى الذي فَطَرَنَا، أي على طاعة الذي فطرنا وعلى عبادته، وإنما أخروا ذكر الباري تعالى لأنَّه من باب الترقي من الأدْنَى إلى الأعلى.
والثاني: أنَّه واو قسم، والموصول مقسم به، وجواب القسم محذوف، أي وحق الذي فطرنا لن نؤثرك على الحق، ولا يجوز أن يكونَ الجواب «لَنْ نُؤَثِرًكَ» عند من يجوز تقديم الجواب، لأنه لا يجاب القسم ب «لَنْ» إلا في شذوذ من الكلام.
قوله:{فَطَرَنَا فاقض مَآ أَنتَ قَاضٍ} يجوز في «مَا» وجهان:
أظهرهما: أنها موصولة بمعنى الذي، و «أَنْتَ قَاضٍ» صلتها والعائد محذوف، أي