تقديره: والذي أكرهتَنا عليه من السحر محطوط عنا، أو لا يؤاخذ به (ونحوه)
والوجه الثاني: أنَّها نافية، قال أبو البقاء: وفي الكلام تقديم تقديره: ليغفر لنا خَطَايَانَا من السحر ولم تكرهنا عليه. وهذا بعيد عن المعنى، والظاهر هو الأول. و «مِنَ السِّحْرِ» يجوز أن يكون حالاً من الهاء في «عَلَيْه» أو من الموصول. ويجوز ان تكون لبيان الجنس.
فصل
قال المفسِّرون: لَمَّا علم السحرة أنهم متى أصرُّوا على الإيمان أوقع بهم فرعون ما أوعدهم به فقالوا: «اقْضِ مَا أْنْتَ قَاضٍ» لا على وجه الأمر، لكن أظهروا أنَّ ذلك الوعيد لا يزيلهم عن إيمانهم البتة، ثم بيَّنُوا ما لأجله يسهل عليهم احتمال ذلك، فقالوا:{إِنَّمَا تَقْضِي هذه الحياة الدنيآ} أي قضاؤك وحكمك أن يكون في هذه الحياة (الدنيا) . وهي نافية تزول عن قريب، ومطلوبنا سعادة الآخرة، وهي باقية. والعقل يقتضي تحمل الضَّرَر الفاني للتوصل إلى السعادة الباقية. ثم قالوا:{إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} ، ولمَّا كان أقرب خطاياهم عهداً ما أظهروه من السحر قالوا:{وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السحر} ، وفي ذلك الإكراه وجوه:
الأول: قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: إنَّ ملوك ذلك الزمان كانوا يأخذون بعض رعيتهم ويكلفونهم تعلم السحر، فإذا شاخ أحدهم بعثوا إليه أحداثاً ليعلمهم ليكون في كل وقتٍ مَنْ يُحسنه، فقالوا ذلك أي: كُنَّا في التعلم الأول والتعليم ثانياً تكرهُنَا، وهو قول الحسن. وقال مقاتل: كانت السَّحَرةُ اثنين وسبعين اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل كان فرعون أكرههم على تعليم السحر. وقال عبد العزيز بن أبان: قالت السحرة لفرعون أَرِنَا مُوسَى إذا نام، فأراهم نائماً، فوجدوه