ليلاً. وكان يوسف عليه السلام عهد إليهم عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر، فلم يعرفوا مكانها حتى دلتهم عجوز على موضع العظم فأخذوه، وقال موسى عليه السلام للعجوز: احتكمي. فقالت: أكون معك في الجنة. فلما خرجوا تَبِعَهُم فرعون، فلما انتهى موسى إلى البحر، (قال: هنا أُمِرْتُ، فَأوْحَى الله إليه أن اضْرِبْ بِعَصَاكِ البَحْرَ) ، فضربه فانفلق، فقال لهم موسى: ادخلوا فيه قالوا: كيف وهي رطبة؟ فدعا ربّه فهبت عليهم الصبا فجفت. فقالوا: نخاف الغرق في بعضنا، فجعل بينَهُم كوًى حتى يرى بعضُهم بعضاً، ثم دخلوا حتى جازوا، وأقبل فرعون إلى تلك الطرق، فقال له قومه: إنَّ موسى قد سَحَر البَحْرَ كما ترى، وكان على فرس حصان فأقبل جبريل عليه السلام (على فرس أنْثَى في ثَلاثَةٍ وثلاثين من الملائكة، فصار جبريل عليه السلام بين يدي فرعون) . فأبصر الحصانُ الفرسَ فاقتحم بفرعون على أثرها، وصاحت الملائكة في الناس الحقُوا حتى إذا دخل آخرهم، وكان أولهم أن يخرج التقى البحر عليهم، فغرقوا، فرجع بنو إسرائيل حتى ينظروا إليهم، وقالوا: يا موسى ادْعُ اللهَ أنْ يخرجهم لنا (حتى ننظر إليهم) ، فلفظهم البحر إلى الساحل وأصابوا من سِلاحِهم.
قال ابن عبَّاس: إنَّ جبريل عليه السلام قال: يا محمد لو رأتني وأنا أدسّ فرعون في الماء والطين مخافة أن يتوب. فهذا معنى {فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ} قال ابن الخطيب: وفي القصة أبحاث:
الأول: قال بعض المفسرين: إن موسى لما ضربَ البحرَ انفرق اثنا عشر طريقاً يابساً، وبقي الماء قائماً بين الطريقين طالطود العظيم وهو الجبل، فأخذ كلُّ سبط من بني إسرائيل في طريق، وهو معنى قوله تعالى:{فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم}[الشعراء: ٦٣]