مسافة قريبة يتقدم بمثلها الوفد رأسهم ومقدمتهم، ثم عقبه بجواب السؤال عن السبب فقال:{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى} .
وأجاب غيره عن هذا السؤال بأنه - عليه السلام - ورد عليه من هيبة عتاب الله ما أذهله عن الجواب المنطبق المرتب على حدود الكلام.
فصل
في الآية سؤالات:
الأول: قوله: «وَمَا أعْجَلَكَ» استفهام، وهو على الله تعالى محال.
والجواب: أنه إنكار في صيغة الاستفهام ولا امتناع فيه.
الثاني: أنَّ موسى - عليه السلام - إما أن يقال: إنَّه كان ممنوعاً عن ذلك التقدم، أو لم يكن ممنوعاً عنه، فإن كان ممنوعاً كان ذلك التقدم معصية فيلزم وقوع المعصية من الأنبياء، وإن لم يَكُنْ ممنوعاً كان ذلك الإنكار غير جائز.
والجواب: لعله - عليه السلام - ما وجد نصًّا في ذلك إلا أنَّه باجتهاده تقدم فأخطأ في ذلك الاجتهاد فاستوجب العتاب.
الثالث: قوله: «وَعَجِلْتُ» والعجلة مذمومة.
والجواب: أنها ممدوحة في الدين قال الله تعالى: {وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}[آل عمران: ١٣٣] .
الرابع: قوله: «لِتَرْضَى» يدل على أنَّه - عليه السلام - إنَّما فعل ذلك ليحصل الرِّضا لله تعالى، وذلك باطل من وجهين:
أحدهما: يلزم تجدد صفة الله.
والآخر: أنه - تعالى - قبل حصول ذلك الرضا يجب أن يقال:(إنَّه ما) كان راضياً عن موسى، لأنَّ تحصيل الحاصل محال، ولما لَمْ يكن راضياً عنه وجب أن