الله تعالى، كأنه أخبر عن السامري أنه نَسِيَ الاستدلال على حدوث الأجسام، وإنَّ الإلَه لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء، ثم إنه تعالى بيَّن المعنى الذي يجب الاستدلال به وهو قوله:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} أي: لم يخطر ببالهم أن من لا يتكلم ولا ينفع ولا يضر لا يكون إلهاً، ولا يكون للإله تعلق بالحالية (والمحلية) .
ويجوز أن يعود على» مُوسَى «وعلى هذا قيل: هذا قول السامري، والكعنى أن هذا إلهكم وإله موسى، فنسي موسى أن هذا هو الإله فذهب يطلبه في موضع آخر وهو قول الأكثرين.
وقيل: فنسي وقت الموعد في الرجوع.
قوله:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} أي: أن العجل لا يكلمهم، لا يجيبهم إذا دعوه، {وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً} . وهذا استدلال على عدم أنه إله بأنه لا يتكلم ولا ينفع ولا يضر. وهذا يدل على أن الإله لا بد وأن يكون موصوفاً بهذه الصفات، وهو كقوله تعالى في قصة إبراهيم - عليه السلام - {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يَبْصِرُ}[مريم: ٤٢] وأن موسى - عليه السلام - في الأكثر لا يعول إلى على دلائل إبراهيم (عليه السلام) .
قوله:{أَلَاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ} العامة على رفع «يَرْجِعُ» لأنها المخففة من الثقيلة، ويدل على ذلك وقوع أصلها وهو المشددة في قوله:{أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ}[الأعراف: ١٤٨] .
قال الزجاج: الاختيار الرفع بمعنى: أنه لا يرجع كقوله: {وحسبوا أَلَاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ}[المائدة: ٧١] بمعنى: أنه لا تكون.