معنى قوله:«بِرَأْسِي» أي بِشَعْر رأسي، وكان قد أخذ بذوابته «إنِّي خَشِيتُ» لو أنكرت عليهم لصاروا حريين بقتل بعضهم بعضاً، فتقول أنت {فَرَّقْتَ بَيْنَ بني إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك: {اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}[الأعراف: ١٤٢] لأي ارفق بهم.
قوله:{وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} هذه الجملة محلها النصب نسقاً على {فَرَّقْتَ بَيْنَ بني إِسْرَآئِيلَ} أي أن تقول: فرقت بينهم وأن تقول: {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} .
وقرأ أبو جعفر «تُرقب» بضم حرف المضارعة من أرقب. فإن قيل: إن قوله موسى - عليه السلام - «وما منعك أن لا تتبع أفعَصَيْتَ أمْرِي» يدل على أنه أمره بشيء، فكيف يحسن في جوابه أن يقال: إنما لم أمتثل قولك خوفاً من أن تقول «وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي» ، وهل يجوز مثل هذا الكلام على العاقل؟
فالجواب: لعلَّ موسى - عليه السلام - إنما أمره بالذهاب إليه بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فساد القوم، فلما قال موسى «مَا مَنَعَكَ أَْنْ لَا تَتَّبِعنِي» قال لأنك إنما أمرتني باتباعك إذا لم يحصل الفساد، فلو جئتك مع حصول الفساد ما كنت مراقباً لك.