العَوَج والعِوَج، قالوا: العوج بالكسر في المعاني، وبالفتح في الأعيان، والأرض عَيْن، فكيف صح فيها كسر العين. قلت: اختيار هذا اللفظ له موقع حسن بديع في وصف الأرض بالاستواء والملاسة، ونفي الاعوجاج عنها على أبلغ ما يكون وذلك أنه لو عَمَدت إلى قطعةِ أرض فسويتها وبالغت في التسوية على عينيك وعيون البصراء، واتفقتم على أنَّه لم يبقى فيها اعوجاج قط، ثم استطلعت رأي المهندس فيها وأمرته أن يعرض استواءها على المقاييس الهندسية لعثر فيها على عوج في غير موضع لا يدرك ذلك بحاسة البصر ولكن بالقياس الهندسي، فنفى الله تعالى ذلك العوج الذي دقَّ وَلطُفَ عن الإدراك اللهم إلا بالقياس الذي يعرفه صاحب التقدير الهندسي، وذلك الاعوجاجُ لمَّا لم يدرك إلا بالقياس دون الإحساس أُلحق بالمعاني، فقيل فيه عِوَجٌ بالكسر.
والأَمْتُ النتوُّ اليسير يقال: مَدَّ حَبْلَهُ حتى ما فيه أمْتٌ. وقيل: الأمت التل، وهو قريب من الأول.
وقيل: الشُّقُوقُ في الأرض. وقيل: الإكام.
وقال الحسن: العوَج ما انخفض من الأرض، والأمْتُ ما نشز من الرَّوابي. والمقصود من وصف الأرض بهذه الأوصَاف أنها تكون في ذلك اليوم ملساءَ خالية عن الارتفاع والانخفاض وأنواع الانحراف والاعوجاج. قوله:«يَوْمَئِذٍ» منصوب ب «يَتَّبِعُونَ» وقيل: بدل من «يَوْمَ القِيَامَةِ» قاله الزمخشري. وفيه نظر، للفصل الكثير وأيضاً يبقى «يَتَّبِعُونَ» غير مرتبط بما قبله، وبه يفوت المعنى والتقدير: يوم إذا نُسِفَت الجِبَالُ.