المعنى:{لَاّ تَنفَعُ الشفاعة} أحداً من الناس {إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن} أي: إلا من أذن له الله أن يشفع له {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} أي رضي قوله.
قال ابن عباس: يعني قَالَ: لَا إلَهَ إلَاّ الله. وهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمنين. وقالت المعتزلة: الفاسق غير مرضيٍّ عند الله، فوجب أن لا يشفع الرسول في حقه. وهذه الآية من أقوى الدلائل على ثبوت الشفاعة في حق الفساق، (لأن قوله: {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} يكفي صدقه أن يكون الله تعالى قد رَضِيَ له قولاً واحداً من أقواله) ، والفاسق قد ارتضى الله من قوله شهادة أنْ لَا إلهَ إلَاّ الله. فوجب أن تكون الشفاعة نافعة له، لأن الاستثناء من النفي إثبات فإن قيل: إنَّه تعالى استثنى من ذلك النفي بشرطين: أحدهما حصول الإذن. والثاني: أن يكون رَضِيَ له قولاً. فهب أنَّ الفاسق قد حصل فيه أحد الشرطين، وهو أنه تعالى رضِيَ له قولاً، فلم قلتم: إنه أذن فيه؟
فالجواب أنَّ هذا القيد كافٍ في حصول الاستثناء لقوله تعالى:{لَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارتضى}[الأنبياء: ٢٨] فاكتفى هناك بهذا القيد. ودلَّت هذه الآية على أنه لا بد من الإذن، فظهر من مجموعهما أنه إذا رضي له قولاً يحصل الإذن في الشفاعة، وإذا حصل القيدان حصل الاستثناء وتم المقصود.
قوله:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} الضمير في قوله: «بَيْنَ أيْدِيهِمْ» عائد إلى الذين يتبعون الداعي.
ومن قال: إن قوله: {مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن} المراد به الشافع (قال: الضمير عائد إليه) ، والمعنى: لا تَنْفع شفاعة الملائِكة والأنبياء إلا لِمَن أذِنَ له الرحمن في أن