للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أنه تعالى لما قال {كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ} [طه: ٩٩] ثم إنه عظَّم أمر القرآن ذكر القصة إنجازاً للوعد في قوله: {كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ} [طه: ٩٩] .

الثاني: أنه لما قال: {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوعيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} [طه: ١١٣] أردفه بقصة آدم عليه السلام كأنَّه قال: إنَّ طاعة بني آدم للشياطين، وتركهم التحفظ من الوساوِسِ أمر قديم، فإنَّا عهدنا إلى آدم من قبل، أي: من قبل هؤلاء الذين صرَّفنا لهم الوعيد، (وبالغنا في تنبيهه) ، فقلنا له: {إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ} ، ثم إنه مع ذلك نسي وترك ذلك العهد، فأمر البشر في ترك التحفظ أمر قديم.

الثالث: أنه لمَّا قال لِمُحمَّد {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: ١١٤] ذكر بعده قصة آدم، فإنه عهد إليه وبالغ في تحذيره من العود، فدل ذلك على ضعف البشرية عن التحفظ فيحتاج حينئذ إلى الاستعانة بربه في أن يوقفه لتحصيل العلم ويجنبه عن السهو والنسيان.

الرابع: أن محمداً - عليه السلام - لما قيل له: «وَلَا تَعْجَلْ» دل على أنه كان في أمر الدين بحيث زاد على قدر الواجب فلما وصفه بالإفراط، وصف آدم بالتفريط في ذلك، فإنه تساهَلَ ولم يتحفظ حتى نسي، فوصف الأول بالتفريط والآخر بالإفراط، ليعلمه أن البشر لا ينفك عن نوع زلة.

الخامس أن محمداً لما قيل به: «وَلَا تَعْجَلْ» ضاق قلبه، وقال في نفسه: لولا أني أقدمت على ما لا ينبغي، وإلا لما نهيت عنه، فقيل له: يا محمد إن كنت فعلتَ ما نُهِيتَ عنه فإنما فعلته حرصاً منك على العبادة، وحفظاً لأداء الوحي وإن أباك أقدم على ما لا ينبغي لتساهله، وترك التحفظ فكان أمرك أحسن من أمره. والمراد بالعهد هنا أمر الله، أي: أمرنا وأوصينا إليه أن لا يأكل من الشجرة من قبل هؤلاء الذين صرفنا لهم الوعيد في القرآن فتركوا الإيمان.

وقال ابن عباس: من قبل أن يأكل من الشجرة عَهِدْنَا إليه أن لا يأكل

<<  <  ج: ص:  >  >>