مرفوعاً عن الإنسان بل كان مؤاخذاً به، وإنما رفع عنا.
وقيل: نَسِيَ عقوبة الله، وظن أنَّه نَهي تنزيه. قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسجدوا لآدَمَ} تقدَّم الكلام على ذلك مفصَّلاً في سورة البقرة.
وقوله:«أَبَى» جملة مستأنفة، لأنها جواب سؤال مقدر، أي: ما منعه من السجود؟ فأجيب بأنه أبَى واستكبر.
ومفعول الإباء يجوز أن يكون مراداً، وقد صرَّح به في الآية الأخرى في قوله:{أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين}[الحجر: ٣١] وحسن حذفه هنا كون العامل رأس فاصلة. ويجوز أن لا يراد ألبتة، وأن المعنى: أنه من أهل الإباء والعصيان من غير نظر إلى متعلق الإباء ما هو.
قوله:{فَقُلْنَا ياآدم إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ} وسبب تلك العداوة من وجوه:
الأول: أن إبليس كان حسوداً، فلمَّا رأة آثار نِعَم الله تعالى في حق آدم حسده فصار عدواً له. الثاني: أن آدم - عليه السلام - كان شاباً عالماً لقوله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأسمآء كُلَّهَا}[البقرة: ٣١] ، وإبليس كان شيخاً جاهلاً، لأنه أثبت فضيلته بفضيلة أصله، وذلك جهل والشيخ أبداً يكون عدواً للشَّاب العالم.
الثالث: أن إبليس مخلوق من النار وآدم من الماء والتراب، فبين أصليهما عداوة، فبقيت تلك العداوة.