وقال أبو البقاء: عُدّي «وَسْوَسَ» ب «إلى» لأنه بمعنى أسرَّ، وعداه في موضع آخر باللام، لكونه بمعنى ذَكَرَ له، أو تكون بمعنى لأجله.
قوله:{هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد} يعني على شجرة إن أكلتَ منها بَقيتَ مخلداً، {وَمُلْكٍ لَاّ يبلى} أي مَنْ أكل هذه الشجرة دام ملكه. قال ابن الخطيب: واقعة آدم عجيبة، وذلك لأن الله تعالى رغَّبه في دوام الراحة وانتظام المعيشة بقوله:{فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى إِنَّ لَكَ أَلَاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تعرى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تضحى}[طه: ١١٧ - ١١٩] ورغَّبه إبليس أيضاً في دوام الراحة بقوله: {هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد} وفي انتظام المعيشة بقوله: {وَمُلْكٍ لَاّ يبلى} فكان الشيء الذي رغَّب (الله تعالى آدم) فيه هو الذي رغبه إبليس فيه إلا أن الله تعالى وقف ذلك على الاحتراس عن تلك الشجرة، وإبليس وقعه على الإقدام عليها، ثم إن آدم - عليه السلام - مع كمال عقله وعلمه (بان الله تعالى مولاه وناصره ومريبه، وأعلمه) بأن عدوه حيث امتنع من السجود له، وعرض نفسه للعنة بسبب عداوته، كيف قبل في الواقعة الواحدة والمقصود الواحد قول إبليس مع علمه بعداوته له، وأعرض عن قول الله تعالى مع علمه بأنه هو الناصر والمولى. ومن تأمل هذا الباب طال تعجبه، وعرف آخر الأمر أنّ هذه القصة كالتنبيه على أنه لا دافع لقضاء الله، ولا مانع منه، وأن الدليل وإن كان في غاية الظهور ونهاية القوة فإنه لا يحصل النفع به إلا إذا قضى الله ذلك وقدره.