للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأكثر ما يجيء بعد ضمير تكلُّم كما تقدم، وقد يجيء مخاطب كقولهم: «بك الله نرجو الفضل» .

السابع: أن يكون «أَنْتُمْ هَؤُلَاء» على ما تقدّم من كونهما مبتدأ أو خبر، والجُمْلة من «تقتلون» مستأنفة مبينة للجملة قبلها، يعني: أنتم هؤلاء الأشخاص الحَمْقَى، وبيان حَمَاقتكم وقلّة عقلوكم أنكم تقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقاً منكم من دِيَارِهِمْ، وهذا ذكره الزَّمخشري في آل عمران في قوله: {هاأنتم هؤلااء حَاجَجْتُمْ} [آل عمران: ٦٦] ولم يذكر هنا، وسيأتي بنصه إن شاء الله تعالى.

قوله: «تَظَاهَرُونَ» هذه الجملة في محلّ نصب على الحال من فاعل «تُخْرجون» وفيها خمس قراءات: «تَظَّاهرُون» بتشديد الظَّاء، والأصل: تتظاهرون فأُدغم لقرب الظاء من التاء.

و «تَظَاهَرُون» مخففاً، والأصل كما تقدم، إلا أنه خفّفه بالحذف، وهل المحذوف الثانية وهو الأَوْلَى؛ لحصول الثقل بها، ولعدم دلالتها على معنى المُضَارعة، أو الأُولَى كما زعم هشام؛ قال الشاعر: [البسيط]

٦٣٣ - تَعَاطَسُونَ جَمِيعاً حَوْلَ دَارِكُمُ ... فَكُلُّكُمْ يَابَنِي حَمْدَانِ مَزكُومُ

أراد: تتعاطسون فحذف.

و «تَظَّهَّرُون» بتشديد الظاء والهاء.

و «تَظَاهَرُون» من «تَظَاهر» و «تَتَظَاهَرُونَ» على الأصل من غير حذف، ولا إدْغَام وكلهم يرجع إلى معنى المعاونة والتَّنَاصُر من المظاهرة، كأن كل واحد منهم يسند ظَهْرَهُ للآخر ليتقوّى به، فيكون له كالظَّهر؛ قال: [الطويل]

٦٣٤ - تَظَاهَرْتُمُ أَسْتَاهَ بَيْتٍ تَجَمَّعَتْ ... عَلَى وَاحِدٍ لَا زِلْتُمُ قِرْنَ وَاحِدِ

قال ابن الخطيب: الآية تدلّ على أن الظُّلم كما هو محرم، فإعانة الظالم على ظلمه محرمة.

فإن قيل: أليس أن الله تعالى لما أقدر الظَّالم على الظّلم، وأزال العوائق والموانع، وسلط عليه الشهوة الدّاعية إلى الظلم كمان قد أعانه على الظلم، فلو كانت إعانة الظالم على ظلمه قبيحةً لوجب ألَاّ يوجد ذلك من الله تعالى؟

والجواب: أنه تعالى وإن مكّن الظَّالم من ذلك فقد زَجَرَهُ عن الظلم بالتَّهْديد

<<  <  ج: ص:  >  >>