الأصوات المطربة، ويشم من الروائح الطيبة، وغير ذلك من الملابس والمناكح، يقال: أَمْتَعَه ومتَّعه تمتيعاً، والتفعيل يقتضي التكثير. ومعنى الزهرة فيمن حرَّك الزينة والبهجة، كما جاء في الجهرة قرئ» أَرِنَا الله جَهْرَةً} . وقيل: جمع زاهر وصفاً لهم بأنهم زَهْرَة هذه الحياة الدنيا لصفاء ألوانهم وتهلُّلِ وجوههم بخلاف ما عليه الصُّلحاء من شُحُوب الألوان والتقشف في الثياب. ومعنى «نَفْتِنَهُمْ» نُعَذِّبَهُم كقوله: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا}[التوبة: ٥٥] .
وقال ابن عباس: لنجعل ذلك فتنةً لهم بأن أزيد لهم في النعمة فيزيدوا كفراً وطغياناً. ثم قال:«وَرِزْقُ رَبِّك» في المعاد يعني في الجنة «خَيْرٌ وَأَبْقَى» أي: خير من مطلبوبهم وأبقى، لأنه يدوم ولا ينقطع، وليس كذلك حال ما أتوه في الدنيا.
ويحتمل أن ما أوتيته من يسير الدنيا إذا قرنته بالطاعة، ورضيت به، وصبرت عليه كانت عاقبته خيراً لك. ويحتمل أن يكون المراد ما أعطي من النبوة والدرجات الرفيعة. قوله:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة} أي: قَوْمك.
وقيل: مَنْ كان على دينك كقوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة}[مريم: ٥٥] وحمله بعضهم على أقاربه.
«واصْطَبِرْ عليها» أي: اصبِرْ على الصلاة وحافظ عليها فإنها تَنْهى عن الفحشاء والمنكر. وكان رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعدَ نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعليّ - عليهما السلام - في كلِّ صباحٍ ويقول:«الصَّلاة» . ثم بيَّن تعالى أنَّما أمرهم بذلك لنفعهم وأنه متعال عن المنافع، فقال:{لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً} أي: لا نكلفك أن ترزق أحداً من خلقنا، ولا أن ترزق نفسَك، وإنما نكلفُكَ عَمَلاً فَفَرِّغْ بالَك لأمر الآخرة،