بقوله:" أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى " أي: بيان ما فيها وهو القرآن إذا وافق ما في كتبهم مع أن الرسول - عليه السلام - لم يشتغل بالدراسة والتعلم فكان ذلك إخبارا عن الغيب فيكون معجزا. و" بينة ما في الصحف الأولى " ما فيها من البشائر بمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونبوته وبعثته. وقال ابن جرير والقفال:" بينة ما في الصحف الأولى " من أنباء الأمم الذين أهلكنا لما جاءتهم الآيات فكفروا بها، واقترحوا الآيات، فلما جاءتهم لم يؤمنوا بها، فأخذناهم بالعقوبة والهلاك، فما يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك.
قوله:" أولم تأتهم بينة " قرأ نافع وأبو عمرو وحفص " تأتهم " بالتأنيث والباقون بالياء من تحت، لأن التأنيث مجازي.
وقرأ العامة " بينة " بإضافة " بينة " إلى " ما " مرفوعة وهي واضحة وقرأ أبو عمرو فيما رواه أو زيد بتنوين " بينة " مرفوعة، وعلى هذه القراءة ففي " ما " أوجه:
أحدها: أنها بدل من " بينة " بدل كل من كل.
الثاني: أن تكون خبر مبتدأ مضمر، أي: هي ما في الصحف الأولى.
الثالث: أن تكون " ما " نافية، قال صاحب اللوامح: وأريد بذلك ما في القرآن من الناسخ والفصل مما لم يكن في غيره من الكتب، وقرأت جماعة " بينة " بالتنوين والنصب.
ووجهها: أن تكون " ما " فاعلة، و" بينة " نصب على الحال، وأنث على معنى " ما ". ومن قرأ بتاء التأنث فحملا على معنى " ما " ومن قرأ بياء الغيبة فعلى لفظها. وقرأ ابن عباس بسكون الحاء من " الصحف ".