لا على الصور، إذ لو أرسل الملك إليهم لما علم كونه نبياً بصورته، وإنما كان يعلم بالعلم، فإذا أظهر ذلك على من هو بشر فيجب أن يكون نبياً، بل الأولى أن يكون المبعوث إلى البشر بشراً، لأن المرء إلى القبول من أشكاله أقرب، وهو به أقيس. وأما الثاني وهو أن ما أتى به الرسول من القرآن ظاهره الوعيد لا مرية فيه، ولا لبس، وقد كان عليه السلام يتحداهم بالقرآن مدة من الزمان حالاً بعد حال، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة، وكانوا في نهاية الحرص على إبطال أمره، وأقوى الأمور في إبطال أمره معارضة القرآن، فلو قدروا على المعارضة لامتنع أن لا يأتوا بها، لأن الفعل عند توفر الدواعي وارتفاع الصارف واجب الوقوع، فلما لم يأتوا بها، لأن الفعل عند توفر الدواعي وارتفاع الصارف واجب الوقوع، فلما لم يأتوا بها دلَّنا ذلك على أنه في نفسه معجز، وأنهم عرفوا حاله فكيف يجوز أن يقال: إنه سحر والحال ما ذكرناه وكل ذلك يدل على انهم كانوا عالمين بصدقه إلا أنهم كانوا يوهمون على ضعفائهم بمثل هذا القول، وإن كانوا فيه مكابرين. والمعنى:«أفَتَأْتُونَ» تحضرون «السِّحْرَ وَأَنْتُم» تعلمون أنه سحر.