والمعنى: أن الكفار معرضون عما خلق في السماء من الشمس والقمر والاستيضاء بنوريهما، والنجوم والاهتداء بها، وحياة الأرض بأمطارها، وعن كونها آية بينة على وجود الصانع ووحدانيته لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. قوله:{وَهُوَ الذي خَلَقَ الليل والنهار والشمس والقمر كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: كل منهما من الشمس والقمر أو منها أي من اليل والنهار والشمس والقمر. و «يَسْبَحُون» يجوز أن يكون خبر «كُلٌّ» على المعنى، و «في فَلَكٍ» متعلق به. ويجوز أن يكون حالاً والخبر «في فَلَكٍ» . وكون المضاف إليه يجوز أن يقدر بالأربعة الأشياء المذكورة ذكره أبو البقاء ولم يذكر غيره، إلا أن المضاف إليه (الشَّمْس والقَمَر) وهو الظاهر، لأن السباحة من صفتهما دون (اللَّيلِ والنَّهَارِ) ، وعلى هذا فيتعذر عن الإتيان بضمير الجمع، وعن كونه جمع من يعقل، أما الأول فقيل: إنما جمع، لأن ثم معطوفاً محذوفاً تقديره: والنجوم كما دلت عليه آيات أخر، فصارت النجوم وإن لم تكن مذكورة يعود هذا الضمير إليها.
وقال الزمخشري: الضمير للشمس والقمر، والمراد بهما جنس الطوالع مل يوم وليلة جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها، وهو السبب في جمعها بالشموس والأقمار. انتهى. والذي حسن ذلك كوته رأس آية. وقال أبو البقاء: و «يسبحون» على هذا الوجه حال، والخبر «في فَلَكٍ» . وقيل: التقدير: وكلها، والخبر «يَسْبَحُونَ» وأتى بضمير الجمع على معنى «كل» .
وفي هذا الكلام نظر من حيث أنه لما جوز أن يكون المضاف إليه شيئين جعل الخبر الجار و «يَسْبَحُونَ» حالاً فراراً من عدم مطابقة الخبر للمبتدأ، فوقع في تخالف الحال وصاحبها.
وأما الثاني فلأنه لمَّا أسند إليها السباحة التي هي من أفعال العقلاء جمعها جمع