وقد استعملت استعمال الأسماء، فلم يذكر [موصوفها، قال تعالى:{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدنيا}[الأنفال: ٦٧] وقال ابن السّراج في «المقصور والممدود» : و «الدنيا» ] مؤنّثة مقصورة، تكتب بالألف، هذه لغة «نجد» و «تميم» ، إلَاّ أن «الحجاز» ، «وبني اسد» يلحقونها ونظائرَهَا بالمَصَادر ذوات الواو، فيقولون: دَنْوَى مثل شَرْوَى وكذلك يفعلون بكل «فُعْلَى» موضع لامها واو، ويفتحون أولها، ويقلبون باءها واواً، وأما أهل اللغة الأولى، فيضمون الدال، ويقلبون من الواو ياء لاستثقالهم الواو مع الضمة.
فصل في المراد بالخِزْي في الآية
اختلفوا في هذا الخِزْي على جوه:
أحدها: قال الحَسَن: وهو الجزية والصَّغَار، وهو ضعيف؛ لأن الجِزْيَةَ لم تكن ثابتةً، في شريعتهم، بل إن حملنا الآية على خطاب الذين كانوا في زمن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيصحّ.
الثاني: خِزْي «بني قريظة» بالقَتْل والسَّبي، وخزي بني النَّضير بالجَلَاء والنفي عن منازلنهم إلى «أَذْرعات» و «أريحا» من «الشام» ، وهذا أيضاً إنما يصحّ إذا حملنا الآية على الحاضرين في زمان صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
الثالث: قال ابن الخَطِيْبِ وهو الأولى: إنّ المراد منه الذَّمّ العظيم ولتحقير البالغ من غير تخصيص ذلك ببعض الوجوه دون بعض، والتنكير في قوله:«خزي» يدلّ على أن الذّم واقع في النهاية العظمى.
[وقوله] يُرَدُّونَ [قرىء] بالغيبة على المشهور وفيه وجهان.
أحدها: أن يكون التفاتاً، فيكون راجعاً إلى قوله «أَفَتُؤْمِنُونَ» فخرج من ضمير الخطاب إلى الغيبة.