جعل ذات الإنسان كأنها خلقت من نفس العجلة دلالة على شدة اتصاف الإنسان بها، وأنها مادته التي أخذ منها كما قيل للرجل الذي هو حاد: نار تشعل العرب قد تسمى المرء بما يكثر منه، فتقول: ما أنت إلا أكل ونوم، وما هو إلا إقبال وإدبار، قال الشاعر:
ويتأكد هذا بقوله:{وَكَانَ الإنسان عَجُولاً}[الإسراء: ١١] .
قال المبرد:{خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} أي من شأنه العجلة كقوله {خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ}[الروم: ٥٤] أي: ضُعَفَاء. ومثله في المبالغة من جانب النفي قوله عليه السلام:«لست من الدَّدِ وَلَا الدِّدُ مِنِّي» ، والدُّدُ: اللعب، وفيه لغات: دَدٌ محذوف اللام ودَدَا مقصوراً كعصا، ودَدَنٌ بالنون. وألفه في إحدى لغاته مجهولة الأصل لا يدري أهي عن ياء أو واو. وقيل:{خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} أي بسرعة، وتعجيل من غير ترتيب خلق سائر الآدميين من النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم أنشأناه خلقاً آخر.
وقال أبو عبيدة: العَجَل الطين بلغة حمير قال شاعرهم: