للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما قراءة الجماعة فالفعل مسند للصّمّ فانتصب «الدُّعَاءَ» مفعولاً به. وأما قراءة الحسن الأولى فأسند الفعل فيها إلى ضمير الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهي كقراءة ابن عامر في المعنى. وأما قراءته الثانية فأسند الفعل فيها إلى «الصُّمم» قائماً مقام الفاعل، فانتصب الثاني وهو «الدُّعَاءَ» وأما قراءة أي عمرو فإنه أسند الفعل فيها إلى الدعاء على سبيل الاتساع وحذف المفعول الثاني للعلم به، والتقدير: ولا يسمع الدعاء الصم شيئاً البتة ولما وصل أبو البقاء إلى هنا قال: «وَلَا يَسْمَعُ» فيه قراءات وجوهها ظاهرة ولم يذكرها. و «إذَا» في ناصبه وجهان:

أحدهما: أنه «يَسْمَعُ» .

والثاني: أنه «لدّعاء» فأعمل المصدر المعرف ب (أل) وإذا أعملوه في المفعول الصريح ففي الظرف أولى.

قال الزمخشري: فإن قلت: الصم لا يسمعون دعاء المبشّر كما لا يسمعون دعاء المنذر، فكيف قيل: {إِذَا مَا يُنذَرُونَ} ؟ قلت: اللاّم في «الصُّم» عائدة إلى هؤلاء المنذرين كائنة للعهد لا للجنس، والأصل: ولا يسمعون إذا ما ينذرون، فوضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامّهم وسدهم أسماعهم إذا انذروا، أي أنتم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة على التصامّ عن الإنذارات والآيات. ثم بيَّن تعالى أن حالهم سيتغير إلى أن يصيروا بحيث إذا شاهدوا اليسير مما أنذروا به، فعنده يسمعون ويعتذرون ويعترفون حيث لا ينتفعون، وهذا المراد بقوله: {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} وأصل النفح من الريح: اللين. قال الزمخشري: في المس والنفحة ثلاث مبالغات، لفظ المس، وما في النفح من معنى القلّة والنزار يقال: نفحته الدابة: رمحته رمحاً يسيراً.

والنفح: الخطرة. قال ابن عباس: «

<<  <  ج: ص:  >  >>