للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل موسى وهارون، قاله ابن عباس، وهاذ أحسن ما قدر به المضاف إليه وقيل: من قبل بلوغه أو نبوته حين كان في السرب فظهرت له الكواكب، فاستدل بها، وهذا على قول من حمل الرشد على الاهتداء وإلا لزمه أن يحكم بنبوته - عليه السلام - قبل البلوغ. قاله مقاتل.

وروى الضحاك عن ابن عباس معنى «مِنْ قَبْلُ» أي: حين كان في صلب آدم لما أخذ الله ميثاق النبيين.

والضمير في «بِهِ» يعود على «إبْرَاهِيمَ» . وقيل: على «رُشْدَهُ» .

والمعنى: أنه تعالى علم منه أشياء بديعة وأسراراً عجيبة حتى أهّله لأن يكون خليلاً له، وهذا كقولك في رجل كبير: أنا عالم بفلان، فإنَّ هذا الكلام في الدلالة على تعظيمه أدل مما إذا شرحت حال كماله.

فصل

دَلَّت الآية على أنَّ الإيمان مخلوق لله تعالى، لأنَّهُ لو كان الرشد هو التوفيق والبيان، وقد فعل الله تعالى ذلك بالكفار فيجب أن يكون قد آتاهم رشدهم.

وأجاب الكعبي: بأنَّ هذا يقال فيمن قَبِلَ لا فيمن ردَّ، وذلك كمن أعطى المال لولدين فقبله أحدهما وثمره، وردَّه الآخر أو أخذه ثم ضيعه، يقال: أغنى فلان ابنه فيمن ثمر المال، ولا يقال فيمن ضيع. وهذا الجواب لا يتم إلا إذا جعلنا قبوله جزءاً من مسمى الرّشد وذلك باطل، لأنَّ المسمى إذا كان متركباً من جزأين ولا يكون أحدهما مقدر الفاعل لم يجز إضافة ذلك المسمى إلى الفاعل، فكان يلزم أن لا يجوز إضافة الرشد إلى الله تعالى بالمفعولية لكن النص وهو قوله {وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ} صريح في أنَّ ذلك الرشد إنما حصل من الله تعالى فبطل قوله.

قوله: «إذْ قَالَ» يجوز أن يكون منصوباً ب «آتَيْنَا» أو ب، «رُشْدَهُ» أو ب «عَالِمِينَ» أو بمضمر أي: اذكر وقت قوله. وجَوَّز أبو البقاء فيه أن يكون بدلاً من موضع «

<<  <  ج: ص:  >  >>