الثاني: أنه منصوب بإضمار (اذكر) ، أي: اذكر نوحاً وداود وسليمان أي: اذكر خبرها وقصتهم، وعلى هذا فيكون «إذْ» منصوبة بنفس المضاف المقدر، أي: خبرهم الواقع في وقت كان كيت وكيت.
وقوله:«مَنْ قَبْلُ» أي: من قبل هؤلاء المذكورين.
فصل
المراد من هذا النداء: دعاؤه على قومه بالعذاب، ويدل على لك قوله:{أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر}[القمر: ١٠] ، وقوله:{رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً}[نوح: ٢٦] ويؤكده قوله تعالى {فاستجبنا لَهُ}«فَنَجَّيْنَاهُ» ، يدل على ذلك أنَّ نداءه ودعاءه كان بأن ينجيه مما يلحقه من جهتهم من الأذى بسبب تكذيبهم وردهم عليه واتفق المحققون على أنَّ ذلك النداء كان بأمر الله، لأنَّه لو لم يكن بإذنه لم يؤمن أن يكون المصلحة أن لا يجاب إليه، فيصير ذلك سبباً لنقصان حال الأنبياء. وقال آخرون: لم يكن مأذوناً له في ذلك. قال أبو أمامة: لم يتحسر أحد من خلق الله كحسرة آدم ونوح - عليهما السلام - فحسرة آدم على قبول وسوسة إبليس، وحسرة نوح على دعائه على قومه فأوحى الله إليه أن دعوتك وافقت قدرتي قوله:{فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم} المراد بالأهل هنا اهل دينه قال ابن عباس: المراد {مِنَ الكرب العظيم} من الغرق وتكذيبه قومه وقيل: لأنه كان أطول الأنبياء عُمراً وأشدَّهُمْ بلاءً، والكرب أشد الغم.
قوله:{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم} فيه أوجه:
أحدها: أن يُضمن «نَصَرْنَاهُ» معنى منعناه وعصمناه، ومثله {فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله}[غافر: ٢٩] فلما تضمن معناه تعدى تعديته.