للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال أكثر المفسرين: دخل رجلان على داود - عليه السلام - أحدهما: صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث: إن غنم هذا دخلت في حرثي ليلاً فأفسدته، فلا يبق منه شيئاً، فقال داود: اذهب فإن الغنم لك. فخرجا فمرا على سليمان، فقال: كيف قضى بينكما؟ فأخبراه، فقال: لو وليت أمرهما لقضيت بغير هذا. وروي أنه قال: غير هذا أرفق بالفريقين فأخبر بذلك داود، فدعاه، فقال: كيف تقضي، وروي أنه قال له: بحق النبوة والأبوة إلاّ أخبرتني بالذي هو أرفق بالفريقين، فقال: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها، ويبذر صاحب الغنم لصاحب الحرث مثل حرثه، فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل دفع إلى أهله، وأخذ صاحب الغنم غنمه، فقال داود: القضاء ما قضيت.

وقال ابن مسعود ومقاتل: إن راعياً نزل ذات ليلة بجنب كرم، فدخلت الأغنام الكرم وهو لا يشعر فأكلت القضبان، وأفسدت الكرم، فذهب صاحب الكرم من الغد إلى داود، فقضى له بالغنم، لأن لم يكن بين ثمن الكرم وثمن الأغنام تفاوت وذكر باقي القصة. قال ابن عباس: حكم سليمان ذلك وهو ابن إحدى عشرة سنة وأما حكم الإسلام: أنّ ما أفسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها، وما أفسدت بالليل ضمنه ربها، لأنَّ في عرف الناس أنَّ أصحاب الزروع يحفظونها بالنهار، والمواشي تسرح بالنهار، وترد بالليل إلى المراح.

«روى ابن محيصة أنّ ناقة لِلْبَرَاء بن عازِب حائطاً فَأَفْسَدَتْ، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -» أَنَّ على أَهْل الحَوَائِط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضَامِنٌ على أهْلِهَا «.

<<  <  ج: ص:  >  >>