هذا الترتيب أيضاً في قوله {ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ}[سبأ: ١٠] وقال: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح تَجْرِي بِأَمْرِهِ}[ص: ٣٦] فما الفائدة في تخصيص داود بلفظ مع، وسليمان باللام؟
فالجواب: يحتمل أنّ الجبل لما اشتغل بالتسبيح حصل له نوع شرف فما أضيف بلام التمليك، وأما الريح فلم يصدر منه إلا ما يجري مجرى الخدمة فلا جرم أضيف إلى سليمان بلام التمليك وهذا جواب إقناعي.
قوله:«تَجْرِي» يجوز أن تكن حالاً ثانية، وأن تكون حالاً من الضمير في «عَاصِفَة» فتكون حالين متداخلين. وزعم بعضهم: أَنَّ «الَّتِي بَارَكْتَا (فِيهَا» صفة للريح، وفي الآية تقديم وتأخير، والتقدير: الريح التي باركنا فيها) إلى الأرض.
وهو تعسف. والمراد بقوله:{إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا} بيت المقدس. قال الكلبي: كان سليمان - عليه السلام - وقومه يركبون عليها من إصطخر إلى الشام، وإلى حيث شاء، ثم يعود إلى منزله.
ثم قال:{وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} وكنا بكل شيء عملناه عالمين بصحة التدبير فيه، علمنا أنما نعطي سليمان من تسخير الريح وغيره يدعوه إلى الخضوع لربه. قوله:{مَن يَغُوصُونَ} يجوز أن تكون موصولة أو موصوفة وعلى كلا التقديرين فموضعهما إمَّا نصب نسقاً على الريح، أي: وسخرنا له من يغوصون، أو رفع على الابتداء والخبر في الجار قبله وجمع الضمير حملاً على معنى «مَنْ» ، وحسن ذلك تقدم الجمع في