السلام - لأنه نفخ في جيب درعها، فوصل النفخ إلى جوفها أي: أمرنا جبريل فنفخ في جيب درعها، وأحدثنا بذلك النفخ المسيح في بطنها وأضاف الروح إليه تشريفاً لعيسى (- عليه السلام -) .
ومعنى «أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا» أي: إحصاناً كلياً من الحلال والحرام جميعاً كما قالت: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً}[مريم: ٢٠] . وقيل: منعت جبريل جيب درعها قبل أن تعرفه.
والأول أولى لأنه الظاهر من اللفظ.
قوله:{وَجَعَلْنَاهَا وابنهآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} أما مريم فآياتها كثيرة:
إحداها: ظهور الحبل فيها لا من ذكر، وذلك معجزة خارجة عن العادة.
وثانيها: أنَّ رزقها كان يأتيها به الملائكة من الجنة لقول زكريا: {أنى لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله}[آل عمران: ٣٧] .
وثالثها: ورابعها: قال الحسن: أنها لم تلتقم ثدياً قط، وتكلمت هي أيضاً في صباها كما تكلم عيسى. وأما آيات عيسى - عليه السلام - فقد تقدم بيانها فإن قيل: هلا قيل آيتين كما قال: {وَجَعَلْنَا الليل والنهار آيَتَيْنِ}[الإسراء: ١٢] ليطابق المفعول؟
فالجواب: أنَّ كلاًّ منهما آية بالآخر فصارا آية واحدة، لأنّ حالهما بمجموعهما آية واحدة، وهي ولادتها إياه من غير فحل. أو تقول: حذف من الأول لدلالة الثاني، أو بالعكس أي: وجعلنا ابن مريم آية وأمه كذلك، وهو نظير الحذف في قوله:{والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢] وقد تقدم. أو أنّ معنى الكلام: جعلنا شأنهما وأمرهما آية.