الثاني: أنه من حَلِيَ بعيني كذا يحلى إذا استحسنه، و «من» مزيدة في قوله «من أساور» قال: فيكون المعنى: يستحسنون فيها الأساور الملبوسة ولما نقل أبو حيان هذا الوجه عن أبي الفضل الرازي قال: وهذا ليس بجيد، لأنه جعل حلي فعلاً متعدياً، ولذلك حكم بزيادة (من) في الواجب، وليس مذهب البصريين، وينبغي على هذا التقدير أن لا يجوز، لأنه لا يحفظ بهذا المعنى إلا لازماً، فإن كان بهذا المعنى كانت «من» للسبب، أي بلباس أساور الذهب يُحَلّون بعين من رآهم أي يحلى بعضهم بعين بعض.
وهذا الذي نقله عن أبي الفضل قاله أبو البقاء، وجوز في مفعول الفعل وجهاً آخر فقال: ويجوز أن يكون من حلي بعيني كذا إذا حسن، وتكون «من» مزيدة، أو يكون المفعول محذوفاً و «مِنْ أَسَاوِرَ» نعت له. فقد حكم عليه بالتعدي ليس إلا، وجوز في المفعول الوجهين المذكورين.
والثالث: أنه من حلي بكذا إذا ظفر به، فيكون التقدير: يُحَلَّوْنَ بأساور، و «من» بمعنى الباء، ومن مجيء حلي بمعنى ظفر قولهم: لم يَحْلَ فلان بطائل أي: لم يظفر به.
واعلم أن حلي بمعنى لبس الحلي أو بمعنى ظفر من مادة الياء لأنها من الحلية وأما حلي بعيني كذا، فإنه من مادة الواو؛ لأنه من الحلاوة، وإنما قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
قوله:{مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} . في من الأولى ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها زائدة كما تقدم تقريره عن الرازي وأبي البقاء، وإن لم يكن من أصول البصريين.
الثاني: أنها للتبعيض أي: بعض أساور.
الثالث: أنها لبيان الجنس قاله ابن عطية، وبه بدأ وفيه نظر، إذ لم يتقدم شيء