وذهب الفَرّاء إلى أن جوابها الفاء الداخلة على» لما «، وهو عنده نظير قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ} [البقرة: ٣٨] قال: لا يجوز أن تكون الفاء ناسقة، إذ لا يصلح موضعها» الواو «.
و» كَفَرُوا «جواب» لما «الثانية على القولين.
وقال أبو البَقَاءِ: في جواب» لما «الأولى وجهان:
أحدهما: جوابها» لما «الثانية وجوابها، وهذا ضعيف؛ لأن» الفاء «مع» لما «الثانية، و» لما «لا تجاب بالفاء إلَاّ أن يعتقد زيادة» الفاء «على مايجيزه الأخفش.
قال شهاب الدين: ولو قيل برأي الأخفش في زيادة» الفاء «من حيث الجملة، فإنه لا يمكن هاهنا لأن» لما «لا يجاب بمثلها، لا يقال:» لما جاء زيد لما قعد أكرمتك «
على أن يكون» لما قعد «جواب» لما جاء «والله أعلم.
وذهب المبرد إلى أن» كفروا «جواب» لما «الأولى، وكررت الثَّانية لطول الكلام، ويفيد ذلك تقرير الذنب وتأكيده كقوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ} [المؤمنون: ٣٥] إلى قوله: {أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} [المؤمنون: ٣٥] ، وهو حسن لولا أن» الفاء «تمنع من ذلك.
وقال ابو البقاء بعد أن حكى وجهاً أول: والثاني: أن» كفروا «جواب الأولى والثانية؛ لأن مقتضاها واحد.
وقيل: الثانية تكرير، فلم تحتج إلى جواب.
فقوله: وقيل: الثانية تكرير، هو قول المبرّد، وهو في الحقيقة ليس مغايرةً للوجه الذي ذكره قبله من كون» كفروا «جواباً لهما بل هو هو.
فصل في الاستفتاح
اختلفوا في هذا الاستفتاح، فقال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْه وقتادة والسّدي: نزلت في بني «قريظة» و «النضير» كانوا يستفتحون على «الأوس» و «الخزرج» برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل المبعث.
وقال أبو مسلم: كانوا يقولون لمخالفيهم: غداً القتال هذا نبي قد أظلّ زمان مولده، ويصفونه بأنه نبي، ومن صفته كذا، ويتفحّصون عنه على الذين كفروا، أي: على مشركي العرب.
وقيل: إن اليهود وقبل مبعث النبي محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كانوا يستفتحون أي: يسألون الفَتْح