في موضع تقديره، فقدره ابن عطية بعد قوله:«وَالبَادِ» أي: إن الذين كفروا خسروا أو أهلكوا، ونحو ذلك.
وقدره الزمخشري بعد قوله:«وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ» أي إن الذين كفروا نذيقهم من عذاب أليم، وإنما قدره كذلك؛ لأن قوله:{نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} يدل عليه. إلا أن أبا حيان في تقدير الزمخشري بعد «المَسْجِدِ الحَرَامِ» : لا يصح، قال: لأن «الَّذِي» صفة للمسجد الحرام، فموضع التقدير هو بعد «وَالْبَادِ» . يعني أنه يلزم من تقديره الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو خبر «إنَّ» فيصير التركيب: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم الذي جعلناه للناس.
وللزمخشري أن ينفصل عن هذا الاعتراض بأن «الَّذِي جَعَلْنَاه» لا نسلم أنه نعت للمسجد حتى يلزم ما ذكر بل نجعله مقطوعاً عنه نصباً أو رفعاً. ثم قال أبو حيان: لكن مقدر الزمخشري أحسن من مقدر ابن عطية، لأنه يدل عليه الجملة الشرطية بعد من جهة اللفظ وابن عطية لحظ من جهة المعنى لأن من أذيق العذاب خسر وهلك.
الوجه الثالث: أن الواو في «وَيَصُدُّونَ» مزيدة في خبر «إنَّ» تقديره: إن الذين كفروا (يصدون) .
وزيادة الواو مذهب كوفي تقدم بطلانه. وقال ابن عطية: وهذا مفسد للمعنى المقصود. قال شهاب الدين: ولا أدري فساد المعنى من أي جهة ألا ترى لو صرح بقولنا: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَصُدُّونَ) لم يكن فيه فساد معنى، فالمانع إنما هو أمر صناعي عند أهل البصرة لا معنوي، اللهم إلا أن يريد معنى خاصاً يفسد بهذا التقدير فيحتاج إلى بيانه.
قوله:«الَّذِي جَعَلْنَاهُ» يجوز جره على النعت والبيان، والنصب بإضمار فعل،