والثاني: أنه عطف بيان، فهذا أراد ابن عطية بقوله: عطفاً على الناس.
ويمتنع في هذه القراءة رفع «سَوَاءٌ» لفساده صناعة ومعنى، ولذلك قال أبو البقاء: و «سَوَاء» على هذا نصب لا غير. وأثبت ابن كثير ياء «وَالبَادِي» وقفاً ووصلاً. وأثبتها أبو عمرو وورش وصلاً وحذفاها وقفاً. وحذفها الباقون وصلاً ووقفاً، وهي محذوفة في الإمام.
فصل
معنى الكلام: ويصدون عن المسجد الحرام الذي جعلناه للناس قبلة لصلاتهم ومنسكاً ومتعبداً كما قال: «وُضِعَ لِلنَّاسِ» وتقدم الكلام على معنى «سَوَاء» باختلاف القراءة.
وأراد ب «العَاكِف» المقيم فيه، و «البَادِي» الطارئ من البدو، وهو النازع إليه من غربته. وقال بعضهم: يدخل في «العَاكِف» الغريب إذا جاور ولزمه كالبعيد وإن لم يكن من أهله. واختلفوا في معنى «سَوَاء» فقال ابن عباس في بعض الروايات: إنهما يستويان في سكنى مكة والنزول بها، فليس أحدهما أحق بالنزول الذي يكون فيه من الآخر إلا أن يكون أحدهما سبق إلى المنزل، وهو قول قتادة وسعيد بن جبير، ومن مذهب هؤلاء تحريم كراء دور مكة وبيعها، واستدلوا بالآية والخبر أما الآية فهذه، قالوا: إن أرض مكة لا تملك، فإنها لو ملكت لم يستو العاكف فيها والباد، فلما استويا ثبت أن سبيلها سبيل المساجد. وأما الخبر فقوله عليه السلام:«مكة مناخ لمن سبق إليه»