معنى قوله:{ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} ، فقال: ما أفسر القرآن، ولكنا نقول للرجل: ما أتفثك، أي: أوسخك وما أدرنك. ثم قال القفال: وهذا أولى من قول الزجاج لأن القول قول المثبت لا قول النافي. والمراد بالتفث هنا: الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار والشعث والحاج أشعث أغبر، والمراد قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة. والمراد بالقضاء إزالة ذلك، والمراد به الخروج من الإحرام بالحلق وقص الشارب والتنظيف ولبس الثياب. وقال ابن عمر وابن عباس: قضاء التفث مناسك الحج كلها. وقال مجاهد: هو مناسك الحج وأخذ الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقلم الأظفار. وقيل: التفث هنا رمي الجمار. وقيل: معنى «لِيَقْضُوا تَفَثَهُم» ليصنعوا ما يصنعه المحرم من إزالة شعر وشعث ونحوهما عند حله، وفي ضمن هذا قضاء جميع المناسك إذ لا يفعل هذا إلا بعد فعل المناسك كلها.
قوله:«وَليُوفُوا» . قرأ أبو بكر «وَليُوفُّوا» بالتشديد، والباقون بالتخفيف.
وتقدّم في البقرة أن فيه ثلاث لغات وَفّى، وَوفَى، وأَوْفَى. وقرأ ابن ذكوان:«ولِيوفوا» بكسر اللام، والباقون بسكونها. وهذا الخلاف جار في قوله «وَلِيَطَّوَّفُوا» . والمراد بالوفاء ما أوجبه بالنذر، وقيل: ما أوجبه الدخول في الحج من المناسك. قال مجاهد: أراد نذر الحج والهدي، وما ينذره الإنسان من شيء يكون في الحج. وقيل: المراد الوفاء بالنذر مطلقاً وقوله: «وَلِيَطَّوَّفُوا» المراد الطواف الواجب، وهو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق وسمي البيت العتيق قال الحسن: القديم لأنه أول بيت وضع للناس. وقال ابن عباس وابن الزبير: لأنه أُعْتِقَ من الجبابرة، فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله، ولما قصده أبرهة فُعِل به ما فعل. فإن قيل: قد تسلَّط الحجاج عليه؟