وقوله:«عِنْدَ رَبِّهِ» أي: عند الله في الآخرة. وقال الأصم: فهو خير له من التهاون.
قوله:{وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنعام إِلَاّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} ووجه النظم أنه كان يجوز أن يظن أن الإحرام إذا حرم الصيد وغيره فالأنعام أيضاً تَحْرُم، فبيَّن تعالى أن الإحرام لا يؤثر فيها، ثم استثنى منه ما يتلى في كتاب الله من المحرمات من النعم في سورة المائدة في قوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصيد وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ١] ، وقوله:{وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] .
قوله:{إِلَاّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} يجوز أن يكون استثناء متصلاً، ويصرف إلى ما يحرم من بهيمة الأنعام لسبب عارض كالموت ونحوه. وأن يكون استثناءً منقطعاً؛ إذ ليس فيها محرم وقد تقدم تقرير هذا أول المائدة.
قوله:«مِنَ الأَوْثَانِ» . في «مِنْ» ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها لبيان الجنس، وهو مشهور قول المعربين، ويقدر بقولك الرجس الذي هو الأوثان. وقد تقدم أن شرط كونها بيانية ذلك ويجيء مواضع كثيرة لا يتأتى فيها ذلك ولا بعضه.
والثاني: أنها لابتداء الغاية.
قال شهاب الدين: وقد خلط أبو البقاء القولين فجعلهما قولاً واحداً. فقال: و «مِنْ» لبيان الجنس، أي: اجتنبوا الرجس من هذا القبيل وهو معنى ابتداء الغاية