قوله:{فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب} . أي: فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب، فحذفت هذه المضافات، ولا يستقيم المعنى إلا بتقديرها، لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى (من) ليرتبط به، وإنما ذكرت القلوب، لأن المنافق قد يظهر التقوى من نفسه وقلبه خال عنها، فلهذا لا يكون مجدّاً في الطاعات، وأما المخلص الذي تمكنت التقوى من قلبه فإنه يبالغ في أداء الطاعات على سبيل الإخلاص.
واعلم أن الضمير في قوله:{فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب} فيه وجهان:
أحدهما: أنه ضمير الشعائر على حذف مضافه، أي: فإن تعظيمها من تقوى القلوب.
والثاني: أنه ضمير المصدر المفهوم من الفعل قبله، أي: فإن التعظيم من تقوى القلوب والعائد على اسم الشرط من هذه الجملة الجزائية مقدر تقديره: فإنها من تقوى القلوب منهم. ومن جوَّز إقامة (أل) مقام الضمير - وهم الكوفيون -، أجاز ذلك هنا، والتقدير: من تقوى قلوبهم كقوله: {فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى}[النازعات: ٤١] . والعامة على خفض «القلوب» ، وقرئ برفعها، فاعلة للمصدر قبلها وهو «تقوى» .