والباقون:«مُعَاجِزِين» في الأماكن الثلاثة. والجحدري كقراءة ابن كثير وأبي عمرو في جميع القرآن. وابن الزبير «مُعْجِزِين» بسكون العين فأما الأولى ففيها وجهان:
أحدهما: قال الفارسي: معناه ناسبين أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى العجز نحو: فسقته، أي: نسبته إلى الفسق.
والثاني: أنها للتكثير ومعناها مثبطين الناس عن الإيمان.
وأما الثانية فمعناها ظانين أنهم يعجزوننا، وقيل: معاندين.
وقال الزمخشري: عاجَزَه: سَابَقَه، لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به، فإذا سبقه قيل: أَعْجَزَه وعَجَّزَه. فالمعنى: سَابِقِين أو مُسَابقين في زعمهم وتقديرهم طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم والمعنى: سعوا في معناها بالفساد. وقال أبو البقاء: إن «مُعَاجِزِين» في معنى المُشَدَّد مثل: عَاهَد: عَهَّد، وقيل: عاجَزَ سَابَق، وعَجَّز: سَبَق.
فصل
اختلفوا في المراد هل معاجزين لله أو الرسول والمؤمنين، والأقرب هو الثاني لأنهم إن أنكروا الله استحال منهم أن يطمعوا في إعجازه، وإن أثبتوه فيبعد أن يعتقدوا أنهم يُعْجِزُونه ويغلبونه، ويصح منهم أن يظنوا ذلك في الرسول بالحيل والمكايد.
فأما القائلون بالأول فقال قتادة: ظانين ومقدرين أنهم يعجزوننا بزعمهم وأن لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار، أو يعجزوننا: يفوتوننا فلا نقدر عليهم كقوله تعالى {أَمْ حَسِبَ الذين يَعْمَلُونَ السيئات أَن يَسْبِقُونَا}[العنكبوت: ٤] ، أو يعجزون الله بإدخال الشُّبَهِ في قلوب الناس.