للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كفرهم بالقرآن، لأن الخطاب لليهود، وكانوا مؤمنين بغيره فبيّن تعالى غرضهم من هذا البَغْي بقوله: {أَن يُنَزِّلُ الله مِن فَضْلِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} [البقرة: ٩٠] وهذا لا يليق إلا باليهود؛ لأنهم ظنوا أن ذلك الفضل العظيم بالنبوّة المنتظرة تحصل في قومهم، فلما وجدوه في العرب حملهم ذلك على الحَسَد والبَغْي.

والقول الثاني: أن الناصب لقوله «بَغْياً» «اشْتَروا» ، وإليه ينحو كلام الزمشخري، فإنه قال: «وهو علّة» اشتروا.

الوجه الثاني: أنه منصوب على المصدر بفعل مَحْذوف يدل عليه ما تقدم، أي: بَغَوا بغياً.

والثالث: أنه في موضع حالٍ، وفي صاحبها القَوْلَان المتقدّمان: إما فاعل «اشتروا» ، وإما فاعل «يكفروا» ، تقديره: اشتروا باغين، أو يكفروا باغين.

والبَغْي: أصله الفَسَاد، من قولهم: بغي الجرح أي: فسد، قاله الأَصْمعي.

وقيل: هو شدة الطلب، ومنه قوله تعالى: {مَا نَبْغِي} [يوسف: ٦٥] ومنه البّغِيّ للزانية، لشدة طلبها له وقال القُرْطبي: البغي معناه: الحَسَد، قاله قتادة والسُّدي، وهو مفعول من أجله، وهو في الحقيقة مصدر.

[وقال الراجز: [السريع او الرجز]

٦٦٠ - أنْشُدُوا الْبَاغِي يُحِبُّ الْوِجْدَانْ ... قَلاًئِصاً مُخْتَلِفَاتِ الأَلوَانْ]

قوله: «أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ» فيه وجهان:

أحدهما: أنه مفعول من أجله، والناصب له «بغياً» أي: علّة البغي إنزال الله فَضْله على محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.

والثاني: أنه على إسقاط الخافض، والتقدير: بغياً على أن ينزل، اي: حسداً على أن ينزل، فجيء فيه الخلاف المَشْهُور، أهو في موضع نصب أو جر؟

والثالث: أنه في م حل جر بدلاً من «ما» في قوله تعالى: «بِمَا أَنْزَلَ اللهُ» [بدل اشتمال أي بإنزال الله] فيكون كقول امرىء القيس: [الطويل]

٦٦١ - أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى أَنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ ... فَتَصُرُ عَنْهَا خُطْوَةً أَوْ تُبُوصُ

وقرأ أبو عمرو وابن كثير جميع المضارع مُخَففاً من «أنزل» إلا ما وقع الإجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>