يعظمونها نهاية التعظيم، وحينئذ كان يلزم التسوية بينها وبين الخالق سبحانه في التعظيم، فمن هاهنا استوجبوا الذم.
فصل
قال ابن عباس: كانوا يطلون الأصنام بالزعفران، فإذا جفَّ جاءت الذباب فاستلبته وقال السدي: كانوا يضعون الطعام بين يدي الأصنام فيقع الذباب عليه فيأكلن منه.
وقال ابن زيد: كانوا يحلون الأصنام باليواقيت واللآلئ وأنواع الجواهر، ويطيبونها بأنواع الطيب، فربما يسقط منها واحدة فأخذها طائر وذباب فلا تقدر الآلهة على استردادها {ضَعُفَ الطالب والمطلوب} قيل: هو إخبار. وقيل: تعجب. والأول أظهر.
قال ابن عباس: الطالب الذباب يطلب ما يسلب من الطيب عن الصنم، والمطلوب الصنم يطلب الذباب منه السلب. وقيل: العكس الطالب الصنم والمطلوب الذباب، فالصنم كالطالب لأنه لو طلب أن يخلقه ويستنقذ منه ما استلبه لعجز عنه، والذباب بمنزلة المطلوب. وقال الضحاك: الطالب العابد والمطلوب المعبود، لأن كون الصنم طالباً ليس حقيقة بل على سبيل التقدير. وقيل: المعنى ضعف أي ظهر قبح هذا المذهب كما يقال عند المناظرة: ما أضعف هذا المذهب، وما أضعف هذا الوجه.
قوله:{ما قدروا الله حق قدره} أي: ما عظموه حق تعظيمه، حيث جعلوا هذه الأصنام على نهاية خساستها شركاء له في المعبودية. {إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} : «قويّ» لا يتعذر عليه فعل شيء «عزيز» لا يقدر أحد على مغالبته، فأي حاجة إلى القول بالشريك.
قال الكلبي: في هذه الآية وفي نظيرها في سورة الأنعام: أنها نزلت في مالك