صرح بهم، ولقوله:«هُوَ اجْتَبَاكُمْ» ، ولقوله:{هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين} ، وقوله {وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس} . وقيل: خطاب لكل المكلفين مؤمناً كان أو كافراً؛ لأن التكليف بهذه الإشارة عامّ في كل المكلفين فلا معنى لتخصيص المؤمن بذلك. وأما فائدة التخصيص، فلأنه لما لم يقبله إلا المؤمنون خصهم بالذكر ليحرضهم على المواظبة على ما قبلوه، وكالتشريف لهم في ذلك الإفراد. وأما المأمور فأربعة أمور:
الأول: الصلاة وهو المراد بقوله: «ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا» وذلك لأن أشرف أركان الصلاة هو الركوع والسجود، والصلاة هي المختصة بهذين الركنين، فجرى ذكرهما مجرى ذكر الصلاة، وذكر ابن عباس: أن الناس كانوا في أول إسلامهم يركعون ولا يسجدون حتى نزلت هذه الآية.
الثالث: قوله: «وَافْعَلُوا الخَيْرَ» قال ابن عباس: هو صلة الرحم ومكارم الأخلاق «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» لكي تفوزوا بالجنة. وقيل: كلمة «لَعَلَّ» للترجي، فإن الإنسان قلما يخلو في أداء الفريضة من تقصير، فليس هو على يقين من أن الذي أتى به هل هو مقبول عند الله والعواقب مستورة «وكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له»
فصل
اختلفوا في سجود التلاوة عند قراءة هذه الآية، فذهب عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس: إلى أنه يسجد، وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق لما روى عقبة بن عامر قال:«قلت: يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال:» نعم، من لم يسجدهما فلا يقرأهما «وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: لا يسجد هاهنا. وعدد سجود القرآن أربع عشرة سجدة عند أكثر أهل العلم منها ثلاث في المفصل، وروي عن أبيّ بن كعب وابن عباس: ليس في المفصل سجود، وبه قال مالك.