للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو البقاء: إذا لو كان كذلك لكان لفظ الحال نكفر، أي ونحن نكفر. يعني: فكان يجب المُطَابقة.

ولا بد من إضمار هذا المبتدأ لما تقدم من أن المضارع المثبت لا يقترن بالواو، وهو نظير قوله: [المتقارب]

٦٦٢ - ... ... ... ... ... . ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنُنُمْ مَالِكَا

وحُذِفَ الفاعل من قوله تعالى: «بِمَا أُنْزِلَ» وأقيم المفعولُ مقامه للعلم به، إذ لا يُنَزِّل الكتب السماوية إلا الله، أو لتقدم ذكره في قوله: «بِمَا أَنْزَل الله» .

قوله: «بِمَا وَرَاءَهُ» متعلّق ب «يكفرون» و «ما» موصولة، والظروف صلتها، فمتعلّقةُ فعل ليس إلا و «الهاء» في «وراءه» تعود على «ما» في قوله: «نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِل» .

و «وَرَاء» من الظروف المتوسّطة التصرف، وهو ظرف مكان، والمشهور أنه بمعنى «خلف» وقد يكون بمعنى «أمام» قال تعالى: {وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: ٧٩] .

وقال: {وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} [الإنسان: ٢٧] فهو من الأضداد، وفسره الفراء هُنَا بمعنى «سوى» التي بمعنى «غير» .

وفسره أبو عبيدة وقتادة بمعنى «بعد» .

وفي همزة قولان:

أحدهما: أنه أصل بنفسه [وإليه ذهب ابن جني مستدلاً] بثبوتها في التصغير في قولهم: «وريئة» .

الثاني: أنها مبدلة من ياء، لقولهم: تواريت.

قال أبو البقاء: ولا يجوز أن تكومن الهمز بدلاً من واو؛ لأن ما فاؤه واو، لا تكون لامه واواً إلاّ ندوراً نحو: «واو» اسم حرف هجاء، وحكم «وَرَاء» حكم «قَبْلُ» و «بَعْدُ» في كونه إذا أضيف أعرب، وإذا قطع بني على الضم.

وأنشد الأخفش على ذلك قول الشاعر: [الطويل]

٦٦٣ - إِذَا أَنَا لَمْ أُومَنْ عَلَيْكَ وَلَمْ يَكْنُ ... لِقَاؤُكَ إِلَاّ مِنْ وَرَاءُ وَرَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>