والإفراد والجمع كما تقدم في «أَمَانَتِهم) و (أَمَانَاتِهِمْ) . قال الزمخشري: فإنْ قُلْتَ: كيف كرر ذكر الصلاة أولاً وآخراً؟ قلت: هما ذكران مختلفان وليس بتكرير، وصفوا أولاً بالخشوع في صلاتهم، وآخراً بالمحافظة عليها. ثم قال: وأيضاً فقد وحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة، أي صلاة كانت، وجمعت آخراً لتفاد المحافظة على أعدادها وهي الصلوات الخمس والوتر والسنن الراتبة، وهذا إنما يتجه في قراءة غير الأخوين وأما الأخوان فإنهما أفردا أولاً وآخراً على أنَّ الزمخشري قد حكى الخلاف في جمع الصلاة الثانية وإفرادها بالنسبة إلى القراءة.
وقيل: كرر ذكر الصلاة ليبين أنّ المحافظة عليها واجبة كما أن الخشوع فيها واجب.
ثم قال:{أولئك هُمُ الوارثون}«أُولَئِكَ» أي: أهل هذه الصفة «هُمُ الوارِثُونَ» فإن قيل: كيف سمى ما يجدونه من الثواب والجنة بالميراث؟ مع أنه سبحانه حكم بأنَّ الجنة حقهم في قوله:{إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة}[التوبة: ١١١] . فالجواب من وجوه:
الأول: روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «ما منكم من أحد إلَاّ وله منزلان منزل في الجنّة ومنزلٌ في النار، فإنْ مات ودخل النار وَرِثَ أهلُ الجنة مَنْزله» ، وذلك قوله:{أولئك هُمُ الوارثون} . وأيضاً: فقد قال الفقهاء إنه لا فرق بين ما ملكه الميت وبين ما يقدر فيه الملك في أنه يورث عنه، كذلك قالوا في الدية التي إنما تجب بالقتل إنها تورث مع أنه مالكها على التحقيق وهذا يؤيد ما ذكر فإن قيل: إنه تعالى وصف كل الذي يستحقونه إرثاً، وعلى ما قلتم فإنه يدخل في الإرث ما كان يستحقه غيرهم لو أطاع.
فالجواب: لا يمتنع أنه تعالى جعل ما هو (منزلة) لهذا المؤمن بعينه منزلة لذلك الكافر لو أطاع لأنه عند ذلك كان يزيد في المنازل فإذا أمن هذا عدل بذلك إليه.