عليه، أي: أحسن الخالقين خلقاً المقدرين تقديراً كقوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ}[الحج: ٣٩] أي: في القتال حذف المأذون فيه لدلالة الصلة عليه.
فصل
قالت المعتزلة: لولا أن يكون غير الله قد يكون خالقاً لما جاز القول بأنه أحسن الخالقين، كما لو لم يكن في عباده من يحكم ويرحم لم يجز أن يقال فيه:«أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ» و «أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» . والخلق في اللغة: هو كل فعل وُجد من فاعله مقدّراً لا على سهو وغفلة، والعباد قد يفعلون ذلك على هذا الوجه. قال الكعبي: هذه الآية وإن دلت على أن العبد خالق إلا أن اسم الخالق لا يطلق على العبد إلا مع القيد، كما أنه يجوز أن يقال: رَبُّ الدار، ولا يجوز أن يقول: رب، ولا يقول العبد لسيده: هذا ربّي، ولا يقال: إنما قال الله سبحانه ذلك لأنه وَصفَ عيسى - عليه السلام - بأنه يَخْلُق مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ. لأنا نجيب من وجهين:
أحدهما: أن ظاهر الآية يقتضي أنه سبحانه «أَحسَنُ الخَالِقِينَ» الذين هم جمع فحمله على عيسى خاصة لا يصح.
الثاني: أنه إذا صحّ وصف عيسى بأنه يخلق صحّ أنّ غيره سبحانه يخلق وصحّ أيضاً وصف غيره من المصورين بأنه يخلق.
وأجيب بأن هذه الآية معارضة بقوله:{الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢] فوجب حمل