والمعنى: إن الذي هم من عذاب ربهم مشفقون أي: خائفون من عقابه.
قوله:«مِنْ خَشْيَةِ» فيه وجهان:
أحدهما: أنها لبيان الجنس. قال ابن عطية: هي لبيان جنس الإشفاق.
قال شهاب الدين: وهي عبارة قَلِقَة.
والثاني: أنها متعلقة ب «مُشْفِقُونَ» . قاله الحوفي، وهو واضح.
قوله:{والذين هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ} يصدّقون، وآيات الله هي المخلوقات الدالة على وجوده. {والذين هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} وليس المراد منه الإيمان بالتوحيد ونفي الشريك لله - تعالى -، لأن ذلك داخل في قوله:{والذين هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ} بل المراد منه نفي الشرك الخفيّ، وهو أن يكون مخلصاً في العبادة لا يقدم عليها إلا لوجه الله وطلب رضوانه.
قوله:{والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ} العامة على أنه من الإيتاء، أي: يعطون ما أعطوا.
وقرأت عائشة وابن عباس والحسن والأعمش:«يَأَتُونَ مَا أَتَوْا» من الإتيان، أي: يفعلون ما فعلوا من الطاعات. واقتصر أبو البقاء في ذكر الخلاف على «أَتَوْا» فقط، وليس بجيّد، لأنّه يوهم أن من قرأ «أَتَوْا» بالقصر قرأ «يُؤْتُونَ» من الرباعي وليس كذلك.
قوله:{وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} هذه الجملة حال من فاعل «يُؤْتُونَ» ، فالواو للحال، والمعنى: يعطون ما أعطوه، ويدخل فيه كل حق يلزم إيتاؤه سواء كان من حقوق الله كالزكوات، والكفارات وغيرها. أو من حقوق الآدميين، كالودائع، والديون وأصناف الإنصاف والعدل. وبيّن أن ذلك إنما ينفع إذا فعلوه «وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ» ، أي: إنهم يقدمون على العبادة على وجل من تقصير وإخلال بنقصان.
«روي أن عائشة سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت:{والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}