قال ابن عباس ومجاهد: يعني القتل يوم بدر. وقيل: الموت وقيل: قيام الساعة. وقيل: الجوع. {إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} آيسون من كل خير. وقرأ السلمي:«مُبْلَسُون» - بفتح اللام - من أبلسه، أي: أدخله في الإبلاس.
قوله تعالى:{وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار} الآية.
العطف لا يحسن إلاّ مع المجانسة، فأي مناسبة بين قوله:{وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار} وبين ما قبله؟
والجواب: كأنّه تعالى لمّا بيّن مبالغة الكفار في الإعراض عن سماع الأدلة والاعتبار، وتأمّل الحقائق قال للمؤمنين: هو الذي أعطاكم هذه الأشياء ووفّقكم لها تنبيهاً على أنَّ من لم يُعمل هذه الأعضاء فيما خلقت له فهو بمنزلة عادمها، لقوله:{فَمَآ أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ}[الأحقاف: ٢٦] وأفرد السمع والمراد الأسماع ثم قال: {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} .
قال أبو مسلم: وليس المراد أنَّ لهم شكراً وإن قَلّ، لكنه كما يقال للكفور والجاحد للنعمة: ما أقلّ شكر فلان.
ثم قال:{وَهُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض} أي: خلقكم، قال أبو مسلم: ويحتمل بسطكم فيها ذرية بعضكم من بعض حتى كثرتم كقوله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}[الإسراء: ٣] أي: هو الذي جعلكم في الأرض متناسلين، ويحشركم يوم القيامة إلى دار لا حاكم فيها سواه، فجعل حشرهم إلى ذلك الموضع حشراً إليه لا بمعنى المكان. ثم قال:{وَهُوَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي: نعمة الحياة وإن كانت من أعظم النعم فهي منقطعة