واللَّفْحُ إصابة النار الشيء بِوَهجها وإحراقها له، وهو أشدُّ من النفح، وقد تقدّم النفح في الأنبياء. قوله:{وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} الكُلُوح تشمير الشفة العليا، واسترخاء السفلى.
قال عليه السلام في قوله:{وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} قال: «تَشْويه النَّارُ فَتَقْلِصُ شَفَتُه العُلْيَا حَتّى تَبْلغ وَسَطَ رَأْسِه، وتَسْترخِي شَفَتُهُ السُفْلَى حَتّى تَبْلغَ سُرَّتَهُ» وقال أبو هريرة: يعظم الكافر في النار مسيرة سبع ليال ضرسه مثل أحد، وشفاههم عند سررهم سود زرق خنق مقبوحون. ومنه كُلُوح الأسد أي: تكشيره عن أنيابه، ودهرٌ كالح (وبرد كالح) أي: شديد وقيل الكُلُوح: تقطيب الوجه وتسوره، وكَلَحَ الرجلُ يَكْلَحُ كُلُوحاً (وكُلَاحاً) .
قوله:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ} يعني القرآن تخوفون بها {فكنتم بها تكذبون} قالت المعتزلة دلّت الآية على أنهم إنّما عُذِّبُوا بسوء أفعالهم، ولو كان فعل العبد بخلق الله لما صحّ ذلك.
والجواب: أن القادر على الطاعة والمعصية إنْ صدرت المعصية عنه لا لِمُرجح ألبتّة كان صدورها عنه اتفاقيّاً لا اختيارياً فوجب أن لا يستحق العقاب، وإن كان لمرجح فذلك المرجح ليس من فعله وإلاّ لزم التسلسل فحينئذ يكون صدور تلك الطاعة عنه اضطرارياً لا اختيارياً فوجب أن لا يستحق الثواب.