قوله:«إِنْ لَبِثْتُم» أي: ما لبثتم «إِلَاّ قَلِيلاً» ، وكأنه قيل لهم: صدقتم ما لبثتم فيها إِلاّ قليلاً، لأنها في مقابلة أيام الآخرة.
قوله:«لَوْ أَنَّكُمْ» جوابها محذوف تقديره: لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول لمَا أجبتم بهذه المدة.
وانتصب «قليلاً»(على النعت) لزمن محذوف (أو لمصدر محذوف) أي: إلاّ زمناً قليلاً، أو إِلاّ لُبْثاً قليلاً.
قوله تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} الآية في نصب (عَبَثاً) وجهان:
أحدهما: أنّه مصدر واقع موقع الحال أي: عابثين.
والثاني: أنه مفعول من أجله أي: لأجل العبث. والعَبَث: اللعب، وما لا فائدة فيه، أي: لتعبثوا وتلعبوا، كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب، وكل ما ليس له غرض صحيح. يقال: عَبَثَ يَعْبِثُ عَبثاً إذا خلط عليه بلعب، وأصله من قولهم عبثت الأَقِط، أي: خلطته، والعَبِيث: طعام مخلوط بشيء، ومنه العَوْبَثَانِي لتمر وسُوَيْق وسمن مختلط. قوله:«وَأَنَّكُمْ» يجوز أن يكون معطوفاً على (أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ) لكون الحسبان منسحباً عليه وأن يكون معطوفاً على (عَبَثاً) إذا كان مفعولاً من أجله.
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون معطوفاً على (عَبَثاً) أي: للعبث ولترككم غير مرجوعين وقُدّم «إِلَيْنَا» على (تُرْجَعُونَ) لأجل الفواصل.
قوله:«لَا تُرْجَعُونَ» هو خبر «أَنَّكُمْ» ، وقرأ الأخوان «تَرْجِعُونَ» مبنياً للفاعل، والباقون مبنياً للمفعول. وقد تقدّم أن (رجع) يكون لازماً ومتعدياً. وقيل: لا يكون إلا متعدّياً، والمفعول محذوف.