باطلاً، لأنه {لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} لا حجّة ولا بيّنة، لأنه لا حجّة في دعوى الشرك، وهذا يدل على صحة النظر وفساد التقليد. ثم قال:«فَإِنَّما حِسَابُهُ» أي: جزاؤه عند ربه يجازيه بعمله كما قال: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}[الغاشية: ٢٦] كأنّه قال: إن عقابه بلغ إلى حيث لا يقدر أحد على حسابه إلاّ الله.
قوله:{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكافرون} فشتّان ما بين فاتحة السورة وخاتمتها. قرأ الجمهور بكسر همزة (إنّه) على الاستئناف المفيد للعلة. وقرأ الحسن وقتادة «أَنَّه» بالفتح، وخرّجه الزمخشري على أن يكون خبر «حِسَابُه» قال: ومعناه حسابه عدم الفلاح، والأصل حساب أنّه لا يفلح هو، فوضع الكافرون في موضع الضمير، لأن «مَنْ يَدْعُ» في موضع الجمع، وكذلك حسابه أنّه لا يفلح في معنى حسابهم أنهم لا يفلحون. انتهى.
ويجوز أن يكون ذلك على حذف حرف العلة أي: لأنّه لا يفلح. وقرأ الحسن:«لَا يَفْلحُ» مضارع (فَلح) بمعنى (أَفْلَح)(فَعَل) و (أَفْعَل) فيه بمعنى، والله أعلم.
فصل
المعنى لا يسعد من جحَد وكذّب، وأمر الرسول بأن يقول:{رَّبِّ اغفر وارحم} ويثني عليه بأن «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ، وقد تقدّم بيان كون «أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» .
فإن قيل: كيف اتصال هذه الخاتمة بما قبلها؟
فالجواب: أنّه سبحانه لما شرح أحوال الكفار في جهلهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة أمر بالانقطاع إلى الله والالتجاء إلى غفرانه ورحمته، فإنهما العاصمان عن كل الآفات والمخافات.
رُوي أنَّ أَوَّل سورة (قد أفلح) وآخرها من كنوز العرش من عَمِل بثلاثِ آياتٍ من أولها، واتعظ بأربع من آخرها فقد نَجَا وأفلح. وروَى الثعلبي في تفسيره عن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «من قرأ سورة المؤمنون بشرته الملائكة بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ، وما تقرّ بِهِ عَيْنُه عند نزول ملك الموت» .