غير أنه صَرَفَ الأبد إلى مدة كونه قاذفاً، وهي تنتهي بالتوبة (والرجوع) عن القذف، وجعل الاستثناء متعلِّقاً بالجملة الثانية. انتهى.
واعلم أن الإعراب متوقفٌ على ذكر الحكم، ومحلُّ المستثنى فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منصوب على أصل الاستثناء.
والثاني: أنه مجرور بدلاً من الضمير في «لَهُمْ» .
وقد أوضح الزمخشري ذلك بقوله: وحق المستثنى عنده - أي: الشافعي - أن يكون مجروراً بَدَلاً من «هُمْ» في «لَهُمْ» ، وحقه عند أبي حنيفة أن يكون منصوباً، لأنه عن موجب والذي يقتضيه ظاهر الآية ونظمها أن تكون الجمل الثلاثة بمجموعهن جزاء الشرط، كأنه قيل: وَمَنْ قَذَفَ المُحْصَنَاتِ فَاجْلِدُوهُمْ، وَرُدّوا شَهَادَتَهُمْ، وفسِّقوهم، أي: فاجمعوا لهم الجلد والردَّ والتفسيق، إلا الذين تابوا عن القذف وأصلحوا فإن الله غفور رحيم، يغفر لهم فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مفسَّقين.
قال أبو حيان: وليس ظاهر الآية يقتضي عود الاستثناء إلى الجمل الثلاث، بل الظاهر هو ما يعضده كلام العرب، وهو الرجوع إلى الجملة التي تليها.
والوجه الثالث: أنه مرفوع بالابتداء، وخبره الجملة من قوله:{فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
واعترض بخلوّها من رابطٍ.
وأُجيبَ بأنه محذوف، أي: غفور لهم.
واختلفوا أيضاً في هذا الاستثناء، هل هو مُتَّصِلٌ أم مُنْقَطِعٌ؟ والثاني ضَعيفٌ جداً.