بعضهم: الصيغة عامة، فيدخل فيه قَذَفَةُ عائشة وغيرها.
وقيل: المراد قذفة عائشة.
قالت عائشة: رميت وأنا غافلة، وإنما بلغني بعد ذلك، فبينا رسول الله عندي إذ أوحى إليه، قال:«أبشري» وقرأ: {إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات} .
وقيل: المراد جُملة أزواج رسول الله، وأنهن لشرفهن خصصن بأن من قذفهن فهذا الوعيد لاحقٌ به. واحتج هؤلاء بأمور:
الأول: أن قاذف سائر المحصنات تقبل توبته لقوله في أول السورة: {والذين يَرْمُونَ المحصنات}[النور: ٤] إلى قوله: {إِلَاّ الذين تَابُواْ ... }[النور: ٥] .
وأما القاذف في هذه الآية فإنه لا تقبل توبته لقوله تعالى:{لُعِنُواْ فِي الدنيا والآخرة} ولم يذكر استثناء.
وأيضاً فهذه صفة المنافقين في قوله:{مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا}[الأحزاب: ٦١] .
الثاني: أن قاذف سائر المحصنات لا يكفر، والقاذف في هذه الآية كافر، لقوله:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ ... } وذلك صفة الكفار والمنافقين لقوله: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى النار ... }[فصلت: ١٩] الآيات.
الثالث: أنه قال: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} والعذاب العظيم هو عذاب الكفر، (فدلّ على أن عذاب هذا القاذف عقاب الكفر) . وعقاب قذف سائر المحصنات لا يكون عقاب الكفر.
وروي أن ابن عياش كان بالبصرة يوم عرفة، وكان يسأل عن تفسير هذه الآية، فقال:«من أذنب ثم تاب قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة» .
وأجاب الأولون بأن الوعيد المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون مشروطاً بعدم التوبة، لأن الذنب سواء كان كفراً أو فسقاً، فإذا تاب عنه صار مغفوراً.