قال الخليل: الاستئناس: الاستبصار من (أنس الشيء إذا أبصره) كقوله: «آنسْتُ نَاراً» أي: أبصرت.
وقيل: هو أن يتكلم بتسبيحة أو تكبيرة أو بتنحنح يؤذن أهل البيت. وجملة حكم الآية أنه لا يدخل بيت الغير إلا بعد السلام والاستئذان.
واختلفوا: هل يقدم الاستئذان أو السلام؟
فقيل: يقدم الاستئذان، فيقول: أأدخل؟ سلام عليكم، لقوله:«حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا» أي: تستأذنوا {وَتُسَلِّمُواْ على أَهْلِهَا} . والأكثرون على أنه يقدم السلام فيقول: سلام عليكم، أأدخل؟ ( «لما روي أن رجلاً دخل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يسلم ولم يستأذن، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:» ارجع فقُل: السلام عليكم، أأدخل «) وروى ابن عمر أن رجلاً استأذن عليه فقال: أأدخل؟ فقال ابن عمر: لا، فأمر بعضهم الرجل أن يسلم، فسلَّم، فأذِنَ له.
وقيل إن وقع بصره على إنسان قدم السلام، وإلاّ قدم الاستئذان ثم يسلم. والحكمة في إيجاب تقديم الاستئذان ألَاّ يهجم على ما لا يحل له أن ينظر إليه من عورة، أو على ما لا يحب القوم أن يعرفه من الأحوال.
فصل
عدد الاستئذان ثلاثاً لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «الاستئذان ثلاثٌ، الأولى يستضيئون، والثانية يستصلحون، والثالثة يأذنون أو يردون» وعن أبي سعيد الخدري قال: «كُنت جالساً في مجلس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعاً، فقلنا له: ما أفزعك؟ فقال: أخبرني عمر أن آتيه فأتيته، فاستأذنت ثلاثاً، فلم يؤذن لي، فرجعت، فقال: ما منعك أن تأتيني؟ فقلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وقد قال عليه السلام -:» إذا استأذنَ أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع «. فقال: لتأتيني (على هذا) بالبينة، أو لأعاقبنك، فقال أبو سعيد: لا يقوم معك إلا