فاعل به كما تقدمن وهذا على كون «ما» تميمية، الوجه الأول أحسن لنزول القرآن بلغة الحجاز، وظهور النصب في قوله:{مَا هذا بَشَراً}[يوسف: ٣١] ، {مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}[المجادلة: ٢] .
الثاني: من الأقوال: أن يعود على المصدر المفهوم من «يُعَمَّر» ، أيك وما تعميره، ويكون قوله:«أن يعمر» بدلاً منه، ويكون ارتفاع «هو» على الوجهين المتقدمين أي قوله: اسم «ما» أو متبدأ.
الثالث: أن يكون كناية عن التعمير، ولا يعود على شيء قبله، ويكون «أن يعمّر» بدلاً منه مفسراً له، والفرق بين هذا وبين القول الثاني أن ذاك تفسيره شيء متقدم مفهوم من الفعل، وهذا مُفَسَّرٌ بالبدل بعده، وقد تقدم أن في ذلك خلافاً، وهذا ما عنى الزمخشري بقوله: ويجوز أن كيون «هو» مبهماً، و «أن يعمر» موضحه.
الرابعك أنه ضمير الأمر والشأن وإليه نحا الفارسي في «الحلبيَّات» موافقة للكوفيين، فإنّهم يفسرون ضمير الأمر بغير جملة إذا انتظم من ذلك إسناد مَعْنوي، نحو: ظننته قائماً الزيدان، وما هو بقائم زيد؛ لأنه في قوة: ظننته يقوم الزيدان، وما هو يقوم زيد، والبصريون يأبون تفسيره إلَاّ بجماعة مصرح بجزئيها سالمة من حرف جر، وقد تقدم تحقيق القولين.
الخامس: أنه عماد، نعني به الفصل عن البصريين، نقله ابن عطيّة عن الطَّبري عن طائفة، وهذا يحتاج إلى إيْضَاحن وذلك أن بعض الكوفيين يجيزون تقديم العِمَاِ مع الخبر المقدم، يقولون في زيد هو القائم: هو القائم زيد، وكذلك هنا، فإن الأصل عند هؤلاء أن يكون «بمزحزحه» خبراً مقدماً و «أن يعمر» مبتدأ مؤخراً، و «هو» عماد، والتقدير: وما تعميره وهو بمزحزحه، فلما قدم الخبر قدم معه العماد.
والبصريون لا يجيزون شيئاً من ذلك.
و «من العذاب» متعلّق بقوله: «بمزحزحه» و «من» لابتداء الغاية والزحزحة: التَّنحية، تقول: زحزحته فَزَحْزَح، فيكون قاصراً ومتعدياً فمن مجيئه متعدياً قوله:[البسيط]