للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أصابها فلها المهر بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان وليُّ (من لا وليّ له) . قوله: {إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ الله مِن فَضْلِهِ} الأصح أن هذا ليس وعداً بإغناء من يتزوج، بل المعنى: لا تنظروا إلى فقر من يخطب إليكم، أو فقر من تريدون تزويجها، ففي فضل الله ما يغنيهم، والمال غادٍ ورائح، وليس في الفقر ما يمنع من الرغبة في النكاح، فهذا معنى صحيح، وليس فيه أن الكلام قصد به وعد الغنى حتى لا يجوز أن يقع فيه خلف. وروي عن قدماء الصحابة ما يدلّ على أن ذلك وعد، فروي عن أبي بكر قال: «أطيعُوا اللَّهَ فيما أمركُم به من النكاح ينجز لكم ما وَعَدكُم من الغِنَى» . وعن عمر وابن عباس مثله. وشكى رجل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحاجة، فقال: «عليك بالباءة» ، ويزيد الله في مروءتكم. فإن قيل: فنحن نرى من كان غنياً فتزوج فيصير فقيراً؟ فالجواب من وجوه:

أحدها: أن هذا الوعد مشروط بالمشيئة في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ} [التوبة: ٢٨] والمطلق يحمل على المقيد.

وثانيها: أن اللفظ وإن كان عامّاً إلا أنه يخصّ بعض المذكورين دون البعض، وهو في الأيامى الأحرار الذين يملكون فيستغنون بما يملكون.

وثالثها: المراد بالغنى: العفاف، فيكون الغنى هنا معناه: الاستغناء بالنكاح عن الوقوع في الزنا.

فصل

استدل بعضهم بهذه الآية على أن العبد والأمة يملكان، لأن ذلك راجع إلى كل من تقدم، فاقتضى أن العبد قد يكون فقيراً وغنياً، وذلك دل على الملك، فثبت أنهما يملكان. والمفسرون تأولوه على الأحرار خاصة، فقالوا: هو راجع إلى الأيامى، وإن فسرنا الغنى بالعفاف سقط استدلالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>