مكاتباً حل له أخذها سواء أدى فعتق، أو عجز فعاد إلى الرق. واستفاد أيضاً أن الكتابة تبعثه على الاجتهاد في الكسب، ولولاها لم يكن ليفعل ذلك. ويستفيد المولى الثواب، لأنه إذا باعه فلا ثواب، وإذا كاتبه فالولاء له، فورد الشرع بجواز الكتابة لهذه الفوائد.
قوله:{إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} قال عليه السلام: «إن علمتم لهم حرفة، ولا تدعوهم كلاًّ على الناس» وقال ابن عمر: قوة على الكسب، وهو قول مالك والثوري.
قال عطاء والحسن ومجاهد والضحاك: الخير: المال، لقوله تعالى:{إِن تَرَكَ خَيْراً}[البقرة: ١٨٠] أي: مالاً. قال عطاء: بلغني ذلك عن ابن عباس. ويروى أن عبداً لسلمان الفارسي قال له: كاتبني. قال: لك مال؟ قال: لا. قال: تريد أن تطعمني أوساخ الناس ولم يكاتبه. قال الزجاج: لو أراد به المال لقال: إنْ عَلِمْتُم لهم خيراً.
وأيضاً فلأن العبد لا مال له، بل المال لسيده. وقال إبراهيم النخعي وبن زيد وعبيدة: صدقاً وأمانة. وقال طاوس وعمرو بن دينار: مالاً وأمانة.
وقال الحسن: صلاحاً في الدين. قال الشافعي: وأظهر معاني الخير في العبيد: الاكتساب مع الأمانة، وأجاب ألا يمتنع من الكتابة إذا كان هكذا، لأن مقصود الكتابة قلما يحصل إلا بهما، فإنه ينبغي أن يكون كسوباً يحصل المال، ويكون أميناً يصرفه في نجومه ولا يضيعه.
قوله:{وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ} . قيل: هذا خطاب للموالي، يجب على المولى أن يحط عن مكاتبه من مال الكتابة شيئاً، وهو قول عثمان وعليّ والزبير وجماعة، وبه قال الشافعي وهؤلاء اختلفوا في قدره: فقيل: يحط عنه ربع مال الكتابة، وهو قول عليّ، ورواه بعضهم عن عليّ مرفوعاً.
وعن ابن عباس: يحط الثلث. وقيل: ليس له حد، بل يختلف بكثرة المال وقلته، وهو قول الشافعي، لأن ابن عمر