وقيل: المراد زيتون الشام، لأنه في الأرض المباركة فلهذا جعل الله هذه الشجرة بأنها {لا شرقية ولا غربية} واستدلوا على ذلك بوجوه:
أحدها: أن الشام وسط الدنيا، فلا توصف شجرتها بأنها شرقية أو غربية.
وهذا ضعيف، لأن من قال:«الأرض كرة» لم يثبت للمشرق والمغرب موضعين معينين، بل لكل بلد مشرق ومغرب على حدة، لأن المثل مضروب لكل من (يعرف، الزيت) وقد) يوجد في غير الشام كوجوده فيه.
وثانيها: قال الحسن: «لأنها من شجر الجنة، إذ لو كانت من شجر الدنيا لكانت إما شرقية وإما غربية» . وهذا أيضاً ضعيف، لأنه تعالى إنما ضرب المثل بما شاهدوه، وهم ما شاهدوا شجر الجنة.
وثالثها: أنها شجرة يلتف بها ورقها التفافاً شديداً، ولا تصل الشمس إليها سواء كانت الشمس شرقية أو غربية، وليس في الشجر ما يورق غصنه من أوله إلى آخره مثل الزيتون والرمان. وهذا أيضاً ضعيف، لأن الغرض صفاء الزيت، وذلك لا يحصل إلا بكمال نضج الزيتون، وذلك إنما يحصل في العادة بوصول أثر الشمس إليه لا بعدم وصوله.
ورابعها: قال ابن عباس: «المراد الشجرة التي تبرز على جبل عال، أو صحراء واسعة، فتطلع الشمس عليها حالتي الطلوع والغروب» . وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة.
وقال الفراء والزجاج:«لا شرقية وحدها ولا غربية وحدها، ولكنها شرقية غربية، كما يقال: فلان لا مسافر ولا مقيم، إذا كان يسافر ويقيم، أي: تصيبها الشمس عند طلوعها وعند غروبها، فتكون شرقية غربية تأخذ حظها من الأمرين، فيكون زيتها أضوأ، كما يقال: فلان ليس بأسود ولا أبيض، يريد: ليس بأسود خالص ولا بأبيض خالص، بل اجتمع فيه الأمران، وهذا الرمان ليس بحلو ولا حامض، أي: اجتمع فيه الحلاوة والحموضة» .
وهذا هو المختار، لأن الشجرة إذا كانت كذلك كان زيتها في نهاية الصفاء، وحينئذ يكون مقصود التمثيل أتم. وقيل: المراد ب «المِشْكَاة» صدر محمد، (و «الزجاجة» قلب محمد) و «المصباح» ما في قلب محمد من الدين، {يوقد من شجرة} يعني: